الخميس، 30 يوليو 2015

واحة أقا : خصائص التشكيلة السكانية


موقع أقا التاريخي الواقع في ممر القوافل التجارية وكذا الظروف الملائمة للاستقرار التي توفرها واحة أقا ، جعل مجموعات بشرية مختلفة الأصول والألوان تتوافد على المنطقة وتستقر بها.
 تعد ساكنة أقا من المجموعات اللغوية الناطقة بالأمازيغية المنتشرة في سوس وينحصر استعمال العربية عند بعض سكان مدشر القبابة وأيت عنطر وكذا بعض الوافدين على الواحة (الموظفين، العمال...) الذين يستقرون في الغالب بالمركز وأقلية تتحدث اللهجة الحسانية في دوار العكاية وقصر البركة بالقرب من تزونين. وقدرعدد السكان الدين يتحدثون اللغة الأمازيغة ب %93 مقابل %7 يتحدثون العربية حسب إحصاء 2004. أما اليهود فكانوا يستعملون اللغة الأمازيغية والعربية، إضافة إلى لهجة اصطلاحية خاصة بهم منبثقة من العبرية. والمعروف في المنطقة أن هؤلاء اليهود يتقنون الأمازيغية بدقة نظرا للدور الكبير والحاجة للتواصل مع السكان قصد توطيد العلاقات الاجتماعية خاصة العلاقات التجارية، ومن خصائص المنطقة أيضا الحفاظ على العادات والتقاليد كالمواسم (إلموكارن) والأعراف القديمة (تيويزي، لجماعت....).
يمثل الجنس الأسود ودوي البشرة المائلة إلى السواد أغلبية السكان باعتبارهم السكان الأصليين في المنطقة، وهي خاصية مشتركة مع سلسلة من الواحات جنوب باني من تمنارت حتى واحات درعة؛ "ويبدو أقرب إلى اليقين أن السود هم أول من عمر هذه المناطق"3. هذه الفئة التي مازال الغموض يلف أصلهم فالبعض يربط أصلهم بالعبيد المجلوبين من السودان، في حين يرى البعض الأخر أن أصل هذه الفئة من الشرق أي أنهم امتداد للكوشيين .

أما الأقلية البيضاء فهم منحدرون من الأطلس الصغير ومن الرحل الذين استقروا بالمنطقة أمثال أولاد جلال[1] وهم عرب جاءوا إلى المنطقة منذ أواسط القرن السادس عشر للميلاد، وأيت أمريبط وهم عرب انتشروا جنوب جبل باني منذ بداية القرن التاسع عشر ميلادي. هذا دون إغفال الأقلية اليهودية التي كانت تعيش إلى عهد قريب ببعض قرى أقــا (34 أسرة سنة 1941)[2]، ويبدو أن أخر أسرة غادرت المنطقة كما أشار أحد سكان الواحة كان سنة 1963 في إطار الهجرة الشاملة لليهود نحو فلسطين. ومازال البعض منهم يزورون المنطقة بين الحين والأخر إلى يومنا هذا، حيت أن سكان الواحة كانوا يتعايشون مع هذه الأقلية اليهودية في إطار ما يسمى بالعقد الاجتماعي، وقد كان لهم دور في التجارة والصناعة التقليدية. بالإضافة إلى هذه العناصر فالواحة تضم كذلك الجعفريين حفدة الولي الصالح سيدي عبدالله بن مبارك، والمرابطين (إِكْرَامْن). كما شهدت المنطقة توافد بعض الأسر العلمية أمثال الوخشاشيين والبنانيين القادمين من فاس. 


[1]معلمة المغرب الجزء الاول   ص 579
[2]واحات باني العمق التاريخي ومؤهلات التنمية

الأربعاء، 29 يوليو 2015

تعد واحة أقا من أقدم وأغنى واحات الجنوب الشرقي للمغرب ... وهذا هو تاريخها.


كون إقليم طاطا ممرا للقوافل التجارية أدى إلى بروز مجموعة من  المراكز  العمرانية  بمختلف  أنحاء الإقليم،  و تعد مدينة  تامدولت  التي ما تزال بقاياها ماثلة  على  بعد 15 كيلومتر  جنوب غربي أقا بالقرب من بلدة" توزنين" أحسن مثال على ذلك، والموقع  الجغرافي لطاطا  جعل منها صلة وصل بين المغرب و دول  إفريقيا منذ قدم التاريخ، مما جعل منها  منطقة ذات  رواج تجاري مهم خاصة بعد تشييد مدينة تامدولت السالفة  الذكر  منذ القرن الرابع الهجري  من طرف الأدارسة . و تواجد الإقليم في  ملتقى الطرق التجارية جعله يلعب  دورا متميزا من الناحية الاقتصادية  للدول التي تعاقبت على المغرب، كما ساهم ذلك أيضا على تعدد المشارب  الإثنية والحضارية و تعدد  الهويات  الثقافية.

و تعد واحة أقا من أقدم وأغنى واحات الجنوب الشرقي للمغرب، من خلال ما تزخر به من مآثر تاريخية وموروثها الثقافي وذلك بتواجد العديد من مواقع النقوش الصخرية الشاهدة على قدم وعراقة حضارة الواحة. ومن أهم مواقع النقوش الصخرية نجد موقع "تيونزوين" بأم العلق وموقع" أم تكورين " قصبة سيدي عبد الله بن مبارك،وقد أكدت الدراسات والأبحاث التي أجريت لها على أن الإنسان استوطن هذه المنطقة منذ عصور قديمة أي حوالي 2500 سنة قبل الميلاد[1] . كما أن بعض الروايات تشير إلي أن اليهود سكنوا منذ القرن السادس قبل الميلاد منطقة تسمى(vaqqa) قرب واد درعة ، وتذهب كل هذه الروايات بأن هذه المنطقة  هي واحة أقا . والتي رحل عنها اليهود نحو أرض فلسطين. إلا أن البعض منهم لايزال يزور المنطقة إلى يومنا هذا لزيارة مقابر أجدادهم، كما أن المنطقة لازالت تحفظ بعض مخلفاتهم ( منازل، ملاح، مقابر ...) .




إلا أن الراجح أن منطقة أقا عمرت منذ القرن الرابع عشر الميلادي، فخراب مدينة تامدولت الذي لازال سبب خرابها مجهولا والتي تعد من أنشط المدن التجارية في تاريخ المغرب خاصة في عهد المنصور الذهبي. كما أن تامدولت كانت حلقة وصل بين المغرب والسودان . إذ تعتبر المركز الرئيسي للقوافل التجارية الآتية من الجنوب ، إذا فخراب المدينة جعل منطقة أقا تزدهر ازدهارا كبيرا ، حيث ظهرت قرى بمنطقة أقا ومن أولى هذه القرى قرية القصبة أو ( أكادير أومغار)،إذ تعد أقدم قرى المنطقة وحيت استقر محمد بن يحيا جد الأسرة المباركية[2] ، وذلك بعد نزوحه من تامدولت إثر خرابها.
تلتها قرية ايت رحال أو  (أكادير إد صالح) أي حصن أل صالح الأسرة الأصلية ، وهي من وضعت حجر الأساس لبناء هذه القرية[3]. ثم قرية اكادير أوزرو التي أسسها الولي عبد الله بن محمد بن مبارك الأقاوي والملقب بالأعرج ، والذي كان يدرس في مدرسة تاركانت العتيقة ، إذ بنا بها مسجدا صغيرا فيه صفان لازالتمعالمه موجودة إلى حد الآن.




[1] محمد البايك _معلمة المغرب_ الجزء الثاني ص579
[2]محمد المختار السوسي"المعسول" الجزء 18 ،الباب الخامس ،الفصل الاول ص 169
[3]محمد حبيب نوحي "معلمة المغرب" الجزء الثاني ص 579

الثلاثاء، 28 يوليو 2015

هل تعلم لماذا سميت أقا بهذا الإسم ؟


إن معظم واحات جنوب جبل باني التي تقع عند خروج الواد من الجبل تعرف باسم أقا إذ نجد عدة واحات تحمل هذا الإسم والتابعة إداريا لعمالة طاطا ( أقا ايكيرن - تقع بين منطقة طاطا وتسينت -أقا ايزنكاض تقع جنوب طاطا -أقا ايغان شمال طاطا).
كلمة أقا تحمل دلالات ومعاني متعددة ، فهي تعني حبة ثمر أو عنب أو زيتون أو ما يشبه ذلك من عقيق أو غيره، كما أنها تعني كذلك أعمق الشيء ، وتطلق أيضا على الخانق الذي يحدثه الواد عند اختراقه للجبل لتصبح مرادفه لكلمة تيزكي.

لفظ أقا يوظف أيضا للإشارة إلى الممر الواقع بين جبلين، لذلك فإن أقا من خلال موقع الواحة التي تحمل هذا الاسم تقع مباشرة عند اختراق الواد لجبل باني هو الخانق أو الممر.